من الفكر والقلب للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
يتكلم هذا الكتاب أن الإسلام ثوب سابغ للكيان الإنساني كله: عقلاً, و قلباً, و وجداناً. فهو الغذاء السليم للإنسان عندما يتأمل و يفكر , و هو الغذاء السليم له عندما يكره و يحب، و هذا بعض من معنى قول النبي عليه الصلاة و السلام: الإسلام دين الفطرة. و قد أراد المؤلف أن يجعل من فصول هذا الكتاب مائدة حافلة, يتلاقى عليها غذاء الفكر, و القلب, و الوجدان. كي يجد القارىء من خلاله كيفية تجاوب هذا الدين مع الكيان الإنساني كله, و كيف أنه لا يتخلى عن الإنسان في أي طور من أطواره, و لدى أي رغبة من رغباته. فقد أراد المؤلف أن يوضح للقارىء من خلال هذا الكتاب, أن الإسلام صديق لا يفارق الإنسان منذ بدء رحلته في فجاج هذه الحياة, إلى أن يصل إلى آخر فصولها, إلى أن يتوارى خلف الموت.
مراجعتي لكتاب من الفكر والقلب
عنوان الكتاب يدل على فحواه , أحب هذا الكتاب فقد عرّفني على أمور عميقة كانت قد أّغلقت أعيننا عنها بحجة السكوت ، تعرفت على وقد كان الكتاب حرفيا يشع نوراً وحبا.
هذا الكتاب مقسم إلى ثلاث أقسام :
- القسم الأول علوم وإسلاميات:
يضم مقالات عن مسائل عملية عقلية, وحوارات جرت مع الدكتور، جلها من ستينات أو سبعينات القرن الماضي، قد يتفق معها القارئ أو يختلف لكنها في جميع الحالات مفيدة.
مثل:
حقيقة الخير والشر
التسيير والتخيير في حياة الإنسان - أما القسم الثاني:
فهو يتكلم عن الأدب والعاطفة والوجدان, وعوز المكتبة الإسلامية لكتب تناغم العقل بدغدغة العاطفة, و هذا المشكل لا زال قائما إلى يومنا هذا، حيث إن جل الفقهاء و المشايخ لا يكتبون
فقد كتب عن زوجته أميرة ( الحلم الذي طاف بكياني اثنين وأربعين شهر)
أميرة:
قصة تستحق الوقوف فيها فيض عارم من مشاعر صادقة ومناجاة تعبر بك حدود المكان وهي من المواقف القليلة للشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.
لم يبق لي من نعيم دنيايي بعدك، إلا الذكريات التي تشدني نحوك والبقايا التي تنتمي إليك.
– محاكمة لم تتم أيضا من الأقسام المميزة في الكتاب. - و أخيراً القسم الثالث؛ تكلم فيه الكاتب عن كتب و شخصيات أعجب بها مثل:
سعيد بديع الزمان النورسي المصلح الإسلامي التركي
اقتباسات
مناجاة قلب كسير وكيف يكون كسيرا وأنت النور الذي يشع في حناياه، والأمل الذي يخفق به ويعيش عليه. صفحة ٢١٤
مولاي: لئن نسيتني أفراح الدنيا فإن عزائي بما فاتني منها عظيم ما ألقاه من الأنس بذاتك والأمل في رحمتك ولئن أبكتني صروف الليالي والأيام فإن عزائي معها بكائي على أعتاب
لطفك وبين يدي ربوبيتك وشتان بين دموع اعتصرتها الآلام من العيون ودموع استجابت لذل العبودية فانحدرت تبكي لمن خلق الوجد في القلوب وأودع الحرقة في الدموع .
مولاي :
أأشكرك على ما أوليتني من نعمة الصبر على البلاء أم أشكرك على ما أوليتني بذلك من سعادة القرب إليك
ولذة المناجاة لك؟؟!!!!!
جلت حكمتك يا سيدي ، وصدق ما قاله الواصلون : إن في كل جلال جمالاً وفي كل ابتلاء منة و لطفاً .
وهل في اللطف أعظم من انصراف العبد إليك وتحول من الأغيار إلى ملازمة بابك الكريم .
إلهي :
أي شيء يوحشني من الدنيا فقده بعد أن رأيتك أمامي ، وأنست بك في سري وجهري ؟
بل أي منة أعظم وأجل من أن تزيح عني حجاباً قد شغلني عنك فشغلت بك عنه بما أكرمتني من الاعتصام بك والتضرع إليك ؟
أجل يا سيدي .. لقد ذهب موسى عليه السلام ليقتبس ناراً … فعوضته عن ذلك بعظيم نجواك ..!
نعم إن القلب قد يتألم ولكن ما ألذ الألم الذي يذيق صاحبه طعم العبودية لك وحلاوة الرضا بحكمك !
ما حكم الإسلام في الحب؟
يقول د. البوطي: ان الإسلام لا حكم له في الحبّ، فكما أن الإسلام لا يحكم بشيء على الكراهية والحزن والخوف والجوع، فهو أيضا لا يحكم بشيء على الحبّ. فأحكام الإسلام عبارة عن التكاليف المنوطة بالعباد من إيجاب، وتحريم، وندب، وكراهية، وإباحة. وهي تتعلق بما يصدر عن الإنسان من أفعال اختيارّية، ومعلوم أن الحبّ من جملة الانفعالات القسريّة التي لاسلطان للإنسان عليها. وما هذب الإنسان شيءٌ مثل الحب؛ وما بصره بأسرار الرّوح شيءٌ مثل تباريجه ولواعجه الكاوية!.
خاتمة
رحم الله الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ونفعنا بعلمه و أعاننا على المسير في خطاه .